السفينة الملعونة

الوصف

في عمق المحيط حيث لا يصل إليه سوى همسات الأشباح والعتمة التي تبتلعها الأمواج يبزغ نجم قصة السفينة الملعونة ويبدأ سرد أحداثه في عالم يتشبث فيه القارئ بأنفاسه الأولى يهبط بنا السرد إلى سفينة كأنها تابوت عائم ليس مصمم للنجاة بل لتسجيل مأساة تولد في الصمت والظلام فتبدأ الرواية بوصف البحر كما لو أنه كائن حي أزلي يتنفس من خلال الأمواج ويتغلغل إلى أعماق لا يعبرها إلا من بقيت روحه معلقة بين الحياة والموت بحشود من الأسرار التي لا تُكشف إلا بعد أن يتحول الخوف إلى هدوء مبهم يخيم على المكان ثم يأتي الليل المليء بالقمر الأسود والمياه المتلونة بالدماء في لحظة يصحو فيها كائن أسطوري اسمه ألوخ يتخذ شكل خوف يتغذى على الأرواح قبل الأجساد يتسلل بين الجثث التي تعود إلى الحياة بعينين فارغتين لا تعرف كيف تنظر إليك كما عرفتها هذا ليس سردًا لنجاة أو لمعركة بل هو مأساة الفريسة التي تدرك أنها المتورطة في فخ البحر الأحمر وفخ ألوخ في الوقت نفسه تتلاشى الحدود بين الأسطورة والواقع والعقل والكوابيس في هذه الرواية فيتردد القارئ بين لحظات من الذعر والرهبة تمددت لتفصل الوعي عن اللاوعي فجأة تجد نفسك غير قادر على التمييز بين ما إذا كانت هذه ذاكرتك أم مستقبلك حين تدرك أن كابوسك لم يكن منا إلا ظلًا لما هو آت فوقعت بسهولة في شبكة السرد التي نسجها الكاتب بحيث تصير الرواية رحلة في النفس البشرية حين يواجه المصير الأسود ويكتشف أنه لا شيء سيعيده إلى الوراء وإنما البقاء في الحيرة والتواطؤ مع الخوف على أمل أن تُسأل الأسئلة التي لا تجد إجاباتها وسط الأمواج ولعبة المصير فهل يُغفر لمن يبقى حيًا بينما تغدوه عيونك جثثًا تتابعها وهي لا تطلب الرحمة بل تشهد على نهاية مدهشة لا تترك مسافة بينك وبين العدم