
بين جدارين
بواسطة نسيم نور الدين
الوصف
عالمٌ مُظلم تكشف نبرته الأولى حين تخطو "إيلارا" إلى ذلك المكان الملعون، حيث يكون لكل صرخة صدى يُقوى في الخفاء، ولكل قطرة دم أثر يمتد في الجدران. هناك، وسط الضباب الذي لا يكف عن الابتلاع، تلتقي بالبطل "ماتيو فيكتور"، الشاب الذي تكسوه ندبةٌ عميقة، ليتشابكا في شبكة من الصرخات والدماء والذعر الموحش، بينما تحيط بهما اللعنة كجدارين منيهما لا قرار. صراع بين طاقة الخروج من هذا المصير الملعون، وبين قوى المجهول التي تتآمر عليهما بلا رحمة. أي خروج ممكن؟ الرواية تقود القارئ في رحلة بلا فواصل بين حالة الخوف المقلقة، حيث تتلاشى معالم العقل ويحل محله الوجع، وبين قرارة النفس التي تصارع لتسطع بشرارة أملِّية تكفّ للتمرد على الظلام. تتداخل نبرات الرعب مع الصور الشعرية في نص ينسج من الحوادث جدرانًا مرصوصة من الغموض والرعب، فتجد نفسك أمام مزيج من المأساة واللجوء إلى الآخر كمرساة وسط الفوضى. تنكشف التفاصيل ببطء مُباغت، ولمسة بعد أخرى تُساق بك إلى نفقٍ لا تعرف نهايته، حيث تُذاب الهوية وتذوب الحدود بين واقع وبين ما يتخيله الداخل المشتعل بالخوف والرغبة في النجاة. يكتب النص بلا فاصل، كأن الكلمات تتدفق من النفس حين لا تُسمع إلا بها، أو كأن الحبر محترقٌ من الشدة وهو يرسم مشاهد الصرخة ولعنة التجميد. فجوةٌ بين أنفاس الشخصين، كأن الجدران نفسها تبتلع النور وتسد كل ممرات الرجاء، فما تبقى هو سعي قارص لاختراق الجمود بالاحتدام والإيمان بلحظة يمكن أن ينفلت فيها الضوء، حتى لو كان ضوءًا وهميًا. في تلك الزاوية المظلمة من البؤس، يبدو أن البشر وحدهم — ولو بلا وعي — هم الجدارين، وهم من يزرع الخروج، وهم من يشيد الانكسار.